تأثير جائحة فيروس كورونا على تغير المناخ

التغير المناخي (بالإنجليزية: Climate Change) هو ما يتعرض له متوسط أحوال الطقس في العالم من تغيراتٍ متسارعة، نتيجة الأنشطة البشرية القائمة على حرق الوقود الأحفوري، مثل الغاز، والنفط، والفحم، لاستخدامهِ كمصدرٍ للطاقة في مختلف مجالات الحياة، بما في ذلك المواصلات، والتدفئة، والصناعة، وعندما يتم حرق هذا الوقود الذي يعد من مصادر الطاقة غير المتجددة، ينتج عن هذا انبعاثٌ للغازات المُسببة للاحتباس الحراري (غازات الدفيئة)، والتي يُمثل ثاني أكسيد الكربون أغلبها، وتعمل هذه الغازات على حبس حرارة الشمس في كوكب الأرض، وبالتالي التسبب بارتفاع درجة حرارته، من جهةٍ أخرى، سجل العالم في شهر ديسمبر من العام 2019 أول إصابةٍ بفيروس كورونا في الصين، لتبدأ بعدها جائحة فيروس كورونا (بالإنجليزية: COVID-19 pandemic)، والتي تُعرف على أنها تفشي على الصعيد العالمي، للمرض المعدي الذي يُسببه فيروس كورونا 2 المرتبط بالمتلازمة التنفسية الحادة الشديدة (بالإنجليزية: Severe acute respiratory syndrome coronavirus 2)‏،[١][٢] وقد كان لهذه الأزمة تأثيراتٌ طالت جميع المجالات، بما فيها تغير المناخ، وفي النقاط التالية نوضح تأثير هذه الأزمة على التغير المناخي:[٣][٤]

  • تسببت جائحة فيروس كورونا بأزمة صحية عالمية، نجم عنها اتخاذ إجراءاتٍ صحيةٍ صارمة، وإغلاقات في جميع مجالات الحياة، مما انعكس على الاقتصادات وأنشطتها المختلفة، وتنقلات الأفراد واستخدامهم لوسائل النقل، وأدى إلى إبطائها، وبسبب هذا، شهدت مستويات ثاني أكسيد الكربون المنبعث من هذه الأنشطة البشرية انخفاضًا.
  • وفي سياقٍ متصل، فقد ساهم توقف وسائل النقل والأنشطة الصناعية في تحسين جودة الهواء؛ حيث انخفضت نسب تلوث الهواء في البلدان التي كان تأثير الفيروس عليها شديدًا، مثل إسبانيا، وإيطاليا، والصين.
  • من الإجراءات الأخرى التي تمّ اتخاذها بسبب جائحة كورونا، وكان لها أثرٌ في تقليل انبعاثات الكربون في الجو، وتخفيف آثار التغير المناخي، التوجه إلى العمل عن بعد؛ أي العمل في المنزل، والذي حد من حركة الأفراد واستخدامهم لوسائل النقل التي تسبب انبعاثًا لغازات الدفيئة.
  • ومن الأدلة التي تُثبت تأثير جائحة فيروس كورونا على تغير المناخ ما أظهرته صور الأقمار الصناعية التابعة لوكالة ناسا، والتي التقطت بعد أربعة أسابيع من الإغلاقات بسبب جائحة كورونا في الصين، حيث تبين أنّ هذه الإغلاقات ساهمت في خفض انبعاثات الكربون بنسبة 25% في البلاد.
  • ولكن، وعلى الرغم من الدور الذي لعبته جائحة فيروس كورونا في التخفيف من تأثيرات الغلاف الجوي، إلا أنّ هذا التخفيف كان مؤقتًا، كما أنه لم يكن جذريًا؛ إذ أنّ تركيز غازات الاحتباس الحراري في الغلاف الجوي ما زالت مستوياتها قياسية، والحد منها وعلاجها يستعرض وقتًا وجهدًا كبيرين، لم يكن بإمكان كلٍ من الإغلاقات والتباطؤ الاقتصادي المصاحبان لأزمة فيروس كورونا مواجهته والحد منه لوحدهما.


دراسة عن تأثير جائحة فيروس كورونا على تغير المناخ

في تاريخ التاسع من شهر نوفمبر من العام 2021، نشرت مجلة وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم في الولايات المتحدة الأمريكية (بالإنجليزية: Proceedings of the National Academy of Sciences of the United States of America) دراسةً، شارك فيه باحثون من عدة مختبرات، وجامعات أمريكية، وأخرى عالمية، بالإضافة إلى وكالاتٍ حكومية وفيدرالية، وقد تمّ الاعتماد فيها على البيانات التي توفرها الأقمار الصناعية لوكالة ناسا، وقد تناولت الدراسة تأثيرات الجائحة على الغلاف الجوي، وأظهرت نتائج لم تكن بالحسبان، وكان أحد أبرز هذه النتائج أنّ الباحثين لاحظوا أنّ انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، في العام 2020، قد انخفضت بنسبة 5.4%، ولكن على الرغم من ذلك، واصلت كميات ثاني أكسيد الكربون الازدياد في الغلاف الجوي بنفس المعدل تقريبًا كما هو الحال في السنوات السابقة، وبناءً على البيانات التي وفرها القمر الصناعي الأمريكي التابع لوكالة ناسا المرصد المداري للكربون 2 (بالإنجليزية: Orbiting Carbon Observatory-2 (OCO-2))، فقد استطاع باحثو الدراسة تحديد الأسباب الكامنة وراء هذه الظاهرة، والتي تتمثل في أنّ ازدياد تركيز الانبعاثات في الغلاف الجوي يُعد أمرًا طبيعيًا، نتيجةً للعمليات الطبيعية، المتمثلة بالتفاعلات التي تحصل بين البيئة، والحيوانات، والنباتات، مثل التحلل، والتلقيح، والبناء الضوئي،[٥] بالإضافة إلى ذلك، عَزى العلماء هذه الظاهرة إلى أنّ المحيطات لم تقم بامتصاص ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي، بنفس الشكل الذي قامت فيه بامتصاصهِ في السنوات التي مضت، بسبب الضغط المنخفض لثاني أكسيد الكربون في الهواء عند سطح المحيطات؛ الأمر الذي منعها من امتصاصهِ كردة فعلٍ على هذا الأمر غير المتوقع.[٦][٧]


الاستفادة من تجربة كورونا للحد من تغير المناخ

قبل توضيح أوجه الاستفادة من تجربة جائحة كورونا للحد من تغير المناخ، لا بدّ من الإشارة إلى أنّ كلا الأزمتين (التغير المناخي وجائحة كورونا)، سببهما السلوك البشري، وكما أنّ الحد من أزمة كورونا يتطلب إغلاقاتٍ وإجراءاتٍ للتباعد الاجتماعي، فإنّ مجابهة التغير المناخي تتطلب إجراءاتٍ متمثلة في التحول إلى مصادر الطاقة النظيفة، وتقليلاً في استهلاك مصادر الطاقة غير المتجددة، وتشترك كلا الأزمتين أيضًا في أنهما تتطلبان حلولاً شاملة على الصعيد العالمي، بمعنى أنها تشمل جميع البلدان، وعند النظر إلى استجابة العالم لوباء كورونا، سنلاحظ أنها كانت استجابة سريعة؛ حيث تكاتفت الجهود العالمية، وتمّ توجيه الموارد بالشكل الصحيح لتطوير لقاح لمقاومة هذا الفيروس، ويمكن من هذا المنطلق القول أنّ بإمكان العالم الاستفادة من تجربة كورونا للحد من تغير المناخ، عبر تطوير التقنيات الجديدة للحد من هذه الظاهرة، والتعاون بين جميع المجتمعات والجهات للحد منها ومن تأثيراتها، بالإضافة إلى توفير الموارد الكافية، وتوجيهها بما ينعكس إيجابًا على الجهود المبذولة لمجابهة التغير في المناخ.[٨]


المراجع

  1. "Coronavirus disease (COVID-19) pandemic", who, Retrieved 23/1/2023. Edited.
  2. "What is climate change? A really simple guide", bbc, Retrieved 23/1/2023. Edited.
  3. "COVID-19 caused only a temporary reduction in carbon emissions – UN report", unep, Retrieved 23/1/2023. Edited.
  4. "What is the effect of COVID-19 on Climate Change?", oneyoungworld, Retrieved 23/1/2023. Edited.
  5. processes are interactions among,create and shape natural communities . "Natural Processes", explorenaturalcommunities, Retrieved 23/1/2023. Edited.
  6. "Emission Reductions From Pandemic Had Unexpected Effects on Atmosphere", jpl.nasa, Retrieved 23/1/2023. Edited.
  7. "Emission Reductions From Pandemic Had Unexpected Effects on Atmosphere", climate.nasa, Retrieved 23/1/2023. Edited.
  8. "What COVID-19 Can Teach Us About Mitigating Climate Change ", imf, Retrieved 23/1/2023. Edited.