لماذا يجعل الغاز الطبيعي الاحتباس الحراري أسوأ؟

ضحى الطلافيح

نُشر في 13 أبريل 2023 ، آخر تحديث 07 مايو 2023

دور الغاز الطبيعي في مفاقمة الاحتباس الحراري

الاحتباس الحراري (بالإنجليزية: Global warming) هو ظاهرة تتمثل بزيادة تدريجية تتعرض لها درجة حرارة كوكب الأرض، نتيجة تأثير البيت الزجاجي (بالإنجليزية: Greenhouse effect)، والذي يُعرف على أنه حبس الغازات الموجودة في الغلاف الجوي لكوكب الأرض لحرارة الشمس، والذي ينجم عن ارتفاع نسب ثاني أكسيد الكربون في الجو، بالإضافة إلى ارتفاع نسب مركبات الكربون الكلورية الفلورية، والملوثات الأخرى،^[١]^[٢] هذا وهناك علاقةٌ وطيدة بين الاحتباس الحراري والوقود الأحفوري؛ فعندما يُحرق الوقود الأحفوري، ينجم عن حرقه انبعاثٌ لكمياتٍ كبيرة من ثاني أكسيد الكربون، والذي يعتبر أحد غازات الدفيئة (غازات الاحتباس الحراري)، مما يحبس الحرارة في الغلاف الجوي، مسببًا بذلك ارتفاعًا في درجة حرارة الكوكب، وبسبب ذلك، شهدت درجات الحرارة في عالمنا اليوم ارتفاعًا في متوسطها بمقدار درجة مئوية واحدة،^[٣] ومن أنواع الوقود الأحفوري: النفط، والفحم، والنفط الرملي (الرمال النفطية)، إلى جانب الغاز الطبيعي،^[٤] والذي نستعرض في النقاط التالية دوره في مفاقمة الاحتباس الحراري،^[٥] وجعلهِ أسوأ:^[٦]^[٧]

على الرغم من أنّ حرق الغاز الطبيعي يصدر انبعاثات من ثاني أكسيد الكربون تعتبر أقل بحوالي النصف من الانبعاثات التي تنجم عن حرق الفحم، وأقل بنسبة 30% من الانبعاثات التي تصدر عن النفط؛ إلا أنّ غاز ثاني أكسيد الكربون الذي ينبعث من حرق الغاز الطبيعي يظل، على الرغم من ذلك، غاز الدفيئة الأساسي المُسبب للاحتباس الحراري.
فضلاً عن ذلك، يعتبر غاز الميثان المكون الأساسي في الغاز الطبيعي، وتأثير هذا الغاز أقوى بكثير من تأثير ثاني أكسيد الكربون؛ فقدرته على التسبب بالاحترار العالمي تفوق قدرة ثاني أكسيد الكربون بأكثر من 80 ضعفًا، وذلك على مدار 20 عامًا من انبعاثهِ إلى الغلاف الجوي، بمعنى أنّ تأثيره طويل الأمد وشديد.
وعند حرق الغاز الطبيعي، ينبعث غاز الميثان إلى الجو من هذه العملية، ويُساهم بتسخين الكوكب، ورفع درجة حرارته، بشكلٍ كارثي، كما أنّ هذا الغاز قد يتسرب أيضًا من الغاز الطبيعي، أثناء عملية نقله إلى محطات الطاقة للاستفادة منه؛ الأمر الذي يفاقم تأثيراته على الحرارة والمناخ.
لا بدّ من الإشارة أيضًا إلى أنّ الغاز الطبيعي يُستخدم لتوليد الطاقة في جميع القطاعات الاقتصادية، وهذا يدل على أنّ استخدامه شائع؛ الأمر الذي يدل أيضًا على أنّ التهديد الذي يُشكله حقيقي، ويشهد العالم تأثيراته وتداعياته، وذلك فيما يخص ارتفاع درجة حرارة الكوكب.

في حال واصلت ظاهرة الاحتباس الحراري رفع درجة حرارة كوكب الأرض، وارتفع متوسطها بمقدار 1.5 درجة مئوية، فإنّ هذا سيؤدي إلى تداعيات كارثية، تتمثل بارتفاع مستوى سطح البحر، وظواهر الطقس المتطرفة، وانقراض أنواع من الكائنات الحية، بالإضافة إلى تهديد الأمن الغذائي، وانتشار الفقر، وتدهور الأوضاع الصحية بالنسبة لملايين الأفراد في مختلف دول العالم.

دراسات عن تأثير الغاز الطبيعي على الاحتباس الحراري

وضحنا سابقًا أنّ التهديد والخطر الأبرز الذي يُشكله الغاز الطبيعي فيما يتعلق بمفاقمة ظاهرة الاحتباس الحراري يتمثل في أنّ غاز الميثان الذي ينبعث من حرقه، أو يتسرب عند نقله، يفوق بقدرته على تسخين الكوكب قدرة ثاني أكسيد الكربون (الغاز الرئيسي المُسبب للاحتباس الحراري)، وقد أشارت دراساتٌ إلى أنّ ما نسبته من 1% إلى 9% من إجمالي غاز الميثان الذي يتسرب عند نقل الغاز الطبيعي، أو استخراجه، ينبعث إلى الغلاف الجوي، ويؤثر عليه، وقد أشارت الدراسات أيضًا أنّ هناك عددًا من العوامل التي يتم الاعتماد عليها لتحديد ما إذا كان الغاز الطبيعي يُصدر انبعاثاتٍ من غازات الاحتباس الحراري أقل من النفط والفحم، ومن الأمثلة على هذه العوامل: معدل تسرب غاز الميثان، ومدى مساهمته في ظاهرة الاحتباس الحراري على مدى فترات زمنية مختلفة، بالإضافة إلى كفاءة تحول الطاقة (بالإنجليزية:Energy Transformation)، والذي يُقصد به تحويل الطاقة من أشكالها المتوافرة في الطبيعة إلى أشكال يمكن للبشر الاستفادة منها،^[٨] وفي سياق متصل، أظهرت نتائج دراسة أخرى أنّ محطات توليد الطاقة التي تعتمد على الغاز الطبيعي إذا أرادت أن تُنتج نسبًا من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري تكون أقل من تلك التي تُصدرها من محطات توليد الطاقة المعتمدة على الفحم، وذلك على مدى فترة زمنية تبلغ 20 سنة أو أقل، فإنّ هذا يستوجب منها الإبقاء على نسبة غاز الميثان، الذي يتسرب من إنتاج الغاز الطبيعي، تحت 3.2%.^[٩]