كيف يُمكن التكيّف مع تغير المناخ والحد منه لمعالجة الصراعات العالمية؟

يتطلّب التكيف مع التغيّر المناخي والحد منه تغييرات اجتماعية أو ثقافية أو اقتصادية كبيرة، كما يجب أن يكون التكيّف معه خارج أوقات الحروب والصراعات، حيث إنّ السلطات والمؤسسات تكون ضعيفة أثناء الحروب كما أنّها تكون منشغلةً أيضًا بالأولويات الأمنية،[١]ويُشار إلى أنّ من أبرز مظاهر التكيّف المناخي التي يُمكن أن تقلل من الصراعات ما يأتي:

  • إنّ تطوير طرق للتنبؤ بمخاطر الصراع والكوارث المناخية في المستقبل، يمكن أن يساعد المجتمعات على الاستعداد لها ومقاومتها بشكل أفضل،[٢] فعلى الأقل يُمكن رسم بعض التصورات للتغيرات المناخية المحلية المتوقعة في السنوات القليلة القادمة، ومحاولة التكيف معها محلياً.[٣]
  • الالتزام بقواعد الحرب لتقليل الضرر والمخاطر التي تتعرض لها المجتمعات -المتأثرة بالصراع- نتيجةً لتغير المناخ، فمثلاً، يمكن أن يؤدي تغير المناخ إلى ندرة المياه وقلة توافر الأراضي الصالحة للزراعة، ومن خلال حظر الهجمات على الموارد التي لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين على قيد الحياة، فإنّه يُمكن حماية هذه الموارد من العنف الإضافي المرتبط بالنزاع.[١]
  • إنّ زيادة قدرة المجتمعات على التكيّف مع التغيرات المناخية يساهم في التقليل من خطر تعرضها للصراعات الأمنية المتعلقة بالتغيرات المناخية.[٤]


العلاقة بين تغير المناخ والصراع العالمي

تعد العلاقة بين تغير المناخ والصراعات العالمية علاقةً متبادلةً غير مباشرة تظهر آثاراها على المدى البعيد،[٥] فعلى الرغم من أن تغيّر المناخ قد لا يكون دائمًا سببًا مباشرًا للصراع، إلا أنّه يمكن أن يُضاعف ويزيد من حجم الصراعات والخلافات، إذ إنّ 70% من البلدان الأكثر عرضة لتغير المناخ هي من بين أكثر البلدان هشاشة من الناحيتين السياسية والاقتصادية.[٦]


مظاهر تأثّر الصراعات العالمية بالتغير المناخي

فيما يأتي توضيح لذلك:


الضغط على الدول والمجتمعات

يساهم التغيّر المناخي في حدوث كوارث مناخية متطرفة، مما يتطلب من مؤسسات الدولة إعادة توجيه انتباهها ومواردها لمواجهة هذه الأزمات، ومن ناحية أخرى فإنّ الانخفاض في فرص كسب الرزق بسبب التغيّر المناخي أدى إلى مزيد من الضغط على الأُسر والمجتمعات، والتأثير على سبل العيش، وهو ما يؤدي إلى إضعاف المجتمعات وتآكلها داخلياً.[٦]


تُشير بعض التقارير إلى أنّ عدم القدرة على التنبؤ بالمواسم نتيجةً للتغير المناخي كان له آثار سلبية على الرعاة والمزارعين والأسواق والأسر والمجتمعات بأكملها، وهو ما نتج عنه نزاعات وصراعات داخلية بين الرعاة والمزارعين حول أحقية الوصول إلى الموارد.[٦]


الحاجة إلى النزوح والهجرة

تؤدي الكوارث الطبيعية المرتبطة بالتغيّر المناخي مثل؛ التصحر وارتفاع منسوب مياه البحار إلى زيادة أعداد الأفراد الذين يبحثون عن منازل وأماكن جديدة للإيواء،[٥]

ووفقاً لبعض التقارير العالمية فإنّه وفي عام 2020 م، نزح 30 مليون شخص نتيجة للكوارث المتعلقة بالطقس، ووفقاً لتقرير حديث صادر عن البنك الدولي فإنّه وبحلول عام 2050 م، فإنّ حوالي 216 مليون شخص قد يُجبروا على الانتقال داخل بلدانهم بسبب الآثار البطيئة لتغير المناخ، ويُصاحب ذلك تعرّض حقوقهم المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية إلى الخطر.[٦]


ومن ناحية أخرى، فإنّ الصراعات دفعت الكثير من الأفراد إلى الهرب من بلادهم إلى أماكن لجوء أخرى يُعانون فيها من آثار تغيّر المناخ القاسية مثل؛ شدة ارتفاع أو انخفاض درجات الحرارة.[٥]


تهديد الأمن الغذائي

تتسبّب الحروب في إعاقة الأطراف المتنازعة عن توريد المواد الغذائية الأساسية خاصةً إذا كانت إحدى الدول مسؤولة عن توريد هذه المواد عالمياً، وفي ذات الوقت فإنّ التغيّرات المناخية أدت إلى تدمير الأراضي الزراعية وتخلّي الأفراد عنها، حيث لم تعد المزارع الصغيرة مصدراً كافياً للأفراد بعد تواتر موجات الجفاف الشديدة،

مما أدت إلى الضغط على المواد الغذائية الأساسية وهو ما يؤدي إلى ارتفاع أسعارها عالمياً، وتدهور الأمن الغذائي خاصةً لذوي الدخل المحدود.[٥]


مظاهر أخرى

يزيد التغيّر المناخي بشكل غير مباشر من مخاطر الصراع من خلال تفاقم العوامل الاجتماعية والاقتصادية والبيئية القائمة، وفيما يأتي توضيح لذلك:[١]

  • تعاني بعض الدول من المجاعات والفقر الشديد نتيجةً للجفاف والقحط الناتج من التغير المناخي، كما أنّ انعدام الأمن في هذه البلدان نتيجةً للصراعات زاد الأمر سوءاً، حيث أصبحت حياة مجتمعات كاملة مهددة لعدم قدرة الأفراد على البحث عن المواد الغذائية الأساسية، وهو ما نشأ عنه خلافات وصراعات جديدة لمحاولة البقاء على قيد الحياة.
  • تدمير الأراضي بفعل القصف أو الألغام الأرضية، وهو ما يجعلها غير صالحة للسكن من جهة فيُجبر سكانها على الهجرة، فيما يضغط على الموارد الطبيعية من جهة أخرى،[٥] كما تؤدي الهجمات الناتجة عن الصراعات إلى تلوث المياه والتربة وإطلاق الملوثات في الهواء، وهو ما يقلل من قدرة الناس على التكيف مع تغير المناخ.[١]
  • زيادة التنافس على الموارد الطبيعية، وصعوبة وصول الأفراد إلى متطلبات الحياة الأساسية مثل؛ الماء والغذاء والصحة والسكن، وخاصةً أولئك الذين يعيشون في فقر أو ضحايا لحالات صراع فإنّ تأثرهم يكون كبيراً، نظراً لأنّ قدرتهم على التأقلم تكون قليلة لقلة الموارد والخيارات المتوفرة لديهم.[٦]
  • إنّ ارتفاع نسبة حموضة المحيطات وارتفاع درجات الحرارة يؤدي إلى هجرة الأسماك وبالتالي استنفاد الثروة السمكية في جميع أنحاء العالم، وهو ما ينتج عنه زيادة احتمالية حدوث توترات دولية بين البلدان مثل؛ احتمال نشوب نزاع على الصيد.[٣]

المراجع

  1. ^ أ ب ت ث "Seven things you need to know about climate change and conflict", INTERNATIONAL COMMITTEE OF THE RED CROSS, 9/7/2020, Retrieved 19/1/2023. Edited.
  2. "How climate change adaptation can reduce conflict risks globally", World Economic Forum, 4/12/2019, Retrieved 19/1/2023. Edited.
  3. ^ أ ب "Climate change raises conflict concerns", unesco, Retrieved 19/1/2023. Edited.
  4. "The Social Side of Climate Change Adaptation: Reducing Conflict Risk", reliefweb, 7/9/2022, Retrieved 19/1/2023. Edited.
  5. ^ أ ب ت ث ج "Conflict and Climate", united nations climate change, 12/7/2022, Retrieved 19/1/2023. Edited.
  6. ^ أ ب ت ث ج "Climate action holds key to tackling global conflict", United Nations Environment Programme, Retrieved 19/1/2023. Edited.