تغير المناخ وصواعق البرق: هل توجد علاقة بينها؟

العلاقة بين تغير المناخ وصواعق البرق

في القرن التاسع عشر، شهد العالم نشاطًا في الأنشطة البشرية المعتمدة على حرق الوقود الأحفوري، كالغاز، والفحم، والنفط، والذي ينتج عنه انبعاثات غازات الدفيئة (غازات الاحتباس الحراري)، كالميثان وثاني أكسيد الكربون، والتي تحيط بكوكب الأرض، وتعمل على حبس حرارة الشمس فيه، وبالتالي رفع درجة حرارته، ومن الأمثلة على هذه الأنشطة النقل، والزراعة، والصناعة، وقد ساهمت هذه الأنشطة في تفاقم ظاهرة تغير المناخ (بالإنجليزية: Climate change)، والتي تتسم بتغيراتٍ خطيرة وطويلة المدة، تتعرض لها أنماط الطقس ودرجات الحرارة،^[١] ولهذه الظاهرة العديد من التأثيرات، والتي منها على سبيل الذكر لا الحصر زيادة صواعق البرق، التي هناك علاقة بين ارتفاع درجة الحرارة وبين حدوثها؛^[٢] فعندما تتعرض كتل اليابسة لارتفاعٍ في حرارتها، فإنّ هذا يُسبب تقلبات في الرطوبة ودرجات الحرارة، والتي تؤثر على استقرار حالة الغلاف الجوي، وتؤدي نتيجة لذلك إلى حدوث العواصف الرعدية، ولأنّ تغير المناخ، الذي سببه حرق الوقود الأحفوري لاستخدامه في مختلف المجالات، مستمرٌ ومتواصل، وينتج عنه ارتفاعٌ في درجات الحرارة، فإنّ هذا يؤدي إلى زيادة صواعق البرق في العالم، والتي توصف على أنها من الظواهر المميتة، والتي تتأثر بها جميع الدول.^[٣][٤]

تداعيات زيادة صواعق البرق بسبب تغير المناخ

كما ذكرنا سابقًا، يُساهم ارتفاع درجات الحرارة بسبب ظاهرة التغير المناخي في حدوث المزيد من صواعق البرق، والتي لها تأثيراتٌ مدمرة، مرتبطة بتغير المناخ كذلك، فارتفاع درجات الحرارة المرتبط بهذه الظاهرة يُؤدي إلى تعرض الغطاء النباتي للجفاف، ويؤدي ازدياد صواعق البرق إلى ازدياد في معدلات الحرائق، والتي تشتعل عندما تصيب هذه الصواعق النباتات الجافة، والتي تعتبر بمثابة وقود يغذي حرائق الغابات ويفاقم تأثيراتها المدمرة، التي تزيد من نسب غازات الاحتباس الحراري في الجو، بالإضافة إلى ذلك، ينجم عن زيادة صواعق البرق وفيات، ففي صيف العام 2020 مثلاً، تسببت زيادة صواعق البرق بسبب التغير المناخي، في ولاية بهار شمالي الهند، في مقتل 147 فردًا، وذلك في غضون 10 أيامٍ فقط، وفي سياقٍ متصل، نُشر في العام 2014 بحثٌ في الدورية العلمية ساينس (بالإنجليزية: Science)، توصل فيه الباحثون إلى أنّ صواعق البرق ستزداد بنسبة 50% بحلول نهاية القرن 21 بسبب ارتفاع درجات الحرارة على الصعيد العالمي، وذكر أحد الباحثين، وهو عالم المناخ ديفيد رومبس (بالإنجليزية: David Romps) أنّ العالم مقابل كل صاعقتي برد شهدها في بداية القرن، سيشهد ثلاث صواعق في نهاية القرن، ولم يتمكن العلماء من تحديد أين ومتى بالتحديد ستقع هذه الصواعق.^[٥][٦]

تأثير صواعق البرق الناتجة عن تغير المناخ على غابات العالم

في دراسةٍ قامت بها زميلة أبحاث ما بعد الدكتوراه جينين ريتشاردز (بالإنجليزية: Jeannine Richards)، من قسم علم النبات في جامعة ويسكونسن (بالإنجليزية: University of Wisconsin) في الولايات المتحدة الأمريكية، تم التوصل لنتائج متعلقة بدور البرق في تشكيل الطبيعة؛ حيث اكتشفت الباحثة أنّ تحمل صواعق البرق هي سمةُ تكيفٍ تمتاز بها الأشجار الكثيفة ذات الأخشاب القوية التي تُشكل الطبقة العلوية من الغابات، ويلعب هذا دور في تكوين وتشكيل الغابات؛ فبناءً على الدراسة، تكثر أنواع الأشجار التي تتحمل البرق في المناطق التي تكثر فيها العواصف الرعدية، في حين لا يوجد علاقة بين أنواع الأشجار وقدرتها على تحمل الصواعق في الأماكن التي تتعرض للقليل من صواعق البرق، ومن السمات الأخرى التي تمتاز بها الأشجار ذات القدرة على تحمل البرق: وجود نسبة نيتروجين عالية في أوراقها، وأوعية أكبر لنقل الماء (خلايا نسيجية يتم نقل الماء من خلالها عبر الشجرة)، وبالمختصر المفيد، يمكن القول، وبناء على نتائج هذه الدراسة، أنّ ما تشهده بعض الأماكن في العالم من زيادةٍ في صواعق البرق، بمعدلات تتناسب مع ظاهرة التغير المناخي، يؤدي إلى رفع قدرة الأشجار على تخزين الكربون، ويجعلها أكثر مقاومة للبرق.^[٧]