مفهوم التغير المناخي

لعلك لاحظت أنّ جميع أنحاء العالم تشهد أحوالاً جوية قاسية ومتقلبةً خلال مختلف الفصول، بما في ذلك تدني درجات الحرارة بشكل كبير جدًا وغير مألوف في فصل الشتاء، وارتفاع درجات الحرارة إلى حد كبير في فصل الصيف، بالإضافة إلى ظهور مشاكل مرتبطة بالمناخ، مثل كثرة العواصف، وارتفاع منسوب البحار، وذوبان الأنهار الجليدية وغيرها، وفي الواقع؛ فإنّ جميع هذه الظواهر مرتبطة بالتغير المناخي، والذي سنتعرف على أهم تفاصيله في العناوين التالية من هذا المقال:

تعريف التغير المناخي

التغير المناخي (بالإنجليزية: Climate change) هو ما يشهده متوسط درجة حرارة سطح الأرض من ارتفاعٍ طويل الأجل، وما تشهده أحوال الطقس على كافة المستويات، سواءً المحلية، والإقليمية، والعالمية، من تغيراتٍ واسعة النطاق، نتيجة الارتفاع الكبير في مستويات غازات الدفيئة (بالإنجليزية: Greenhouse Gases)، والتي تعمل على امتصاص الأشعة تحت الحمراء التي تنبعث من سطح الأرض، لتعيدها مرةً أخرى إليه،^[١] مسببةً بذلك ظاهرة الاحتباس الحراري (بالإنجليزية: Greenhouse Effect)، ويُعزى الارتفاع الذي تشهدهُ مستويات غازات الدفيئة إلى استخدام الوقود الأحفوري، مثل النفط والفحم،^[٢][٣] ويُشير تعريفٌ آخر للتغير المناخي على أنه ظاهرةٌ عالمية، سمتها الرئيسية هي تغيرات المناخ التي يتأثر بها كوكب الأرض، وتشمل هذه التغيرات في تأثيرها الرياح، وتساقط الأمطار، ودرجات الحرارة، وتعتبر الأنشطة البشرية المُسبب الرئيس وراء التغير المناخي؛ حيث ينجم عن هذه الأنشطة حالةٌ من اختلال التوازن في الطقس السائد، بالإضافة لقيامها بتهديد وجود النُظم البيئية، وتهديدها أيضًا استقرار الاقتصاد العالمي، ومستقبل البشرية على هذا الكوكب ككل.^[٤][٥]

أسباب التغير المناخي

إنّ النشاط البشري، المُتمثل باستخدام الوقود الأحفوري، الذي يُنتج عند حرقه ثاني أكسيد الكربون، والذي بدورهِ يُسبب ارتفاع درجة حرارة الأرض، هو المُسبب الرئيسي للتغير المناخي، وهناك مُسبباتٌ أخرى طبيعية لهذا التغير، ليس للبشر دخلٌ فيها، لكنها لا تعتبر المُسبب الرئيسي لهذه الظاهرة، والتي نستعرض فيما يلي أبرز أسبابها ذات العلاقة بالتدخل البشري، بالإضافة للأسباب التي تقف وراءها العوامل الطبيعية التي ليس للبشر يدٌ فيها:^[٦]

الأسباب البشرية للتغير المناخي

من أبرز هذه الأسباب الآتي ذكره:^[٧][٨]

• قطع الأشجار وإزالة الغابات: تساعد الأشجار في الإبقاء على حالة المناخ متوازنة؛ فهي تمتص ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي، وتعمل على بعث الأكسجين، كما أنّ الأشجار تخزن الكربون، ويعمل حرقها أو قطعها على إطلاق هذا الغاز، مما يُفاقم من ظاهرة الاحتباس الحراري، وغالبًا ما يقوم البشر بقطع الأشجار وإزالة الغابات لغايات التوسع الحضري، والاستفادة من منتجات الأخشاب.
• حرق الوقود الأحفوري: يتم حرق الوقود الأحفوري، مثل الغاز والفحم، للحصول على الكهرباء والطاقة لأغراض التدفئة وتشغيل السيارات وغيرها؛ الأمر الذي يؤدي لانبعاث أكسيد النيتروس وثاني أكسيد الكربون، اللذان يسببان تلوث الغلاف الجوي.
• تربية الماشية والزراعة: بالنسبة للماشية، مثل الأغنام والأبقار، والتي يتم تربيتها من أجل الحصول على منتجات الألبان واللحوم؛ فهي تُنتج غاز الميثان أثناء هضمها للطعام، والذي يعتبر أحد الغازات المُسببة للاحتباس الحراري، أما بالنسبة للزراعة؛ فالتربة الزراعية ينبعث منها أكسيد النيتروس، الذي يتكون من النيتروجين في التربة، نتيجة استخدام الأسمدة. 
• وسائل النقل: تُصدر مختلف وسائل النقل انبعاثات مُلوثة، سببها حرق الوقود الأحفوري، وتؤدي هذه الانبعاثات إلى تغير المناخ، وتشمل وسائل النقل التي تلعب دورًا في هذا: الطائرات، والسفن، والقطارات، والشاحنات، والسيارات، والحافلات.
• النفايات والبلاستيك: تشير الإحصاءات إلى أنّ ما نسبته 40% من البلاستيك يتم استخدامه للتغليف والتعبئة على مستوى العالم؛ الأمر الذي ينتج عنه كمّ كبيرٌ من النفايات البلاستيكية غير القابلة للتدوير، والتي يتم حرقها، مسببةً بذلك انبعاثاتٍ تساهم في التغير المناخي، وتجدر الإشارة إلى أنّ الوقود الأحفوري يُستخدم أيضًا في تصنيع البلاستيك وإنتاجه، وهذا الأمر يُنتج انبعاثاتٍ مُلوثة كذلك.

الأسباب الطبيعية للتغير المناخي

كما وضحنا سابقًا؛ فإن العامل البشري هو المُسبب الرئيسي للتغير المناخي، أما بالنسبة للعوامل الطبيعية، فهي جزءٌ من الطبيعة، وفيما يلي ذكرٌ لعددٍ منها، إلى جانب توضيح دورها في التسبب في التغير المناخي: ^[٩]

• تذبذب النينو الجنوبي: النينيو/ التذبذب الجنوبي (El Niño Southern Oscillation (ENSO)) هي ظاهرة يُصاحبها تغير درجة حرارة المياه في المحيط الهادئ، ويمكن أن تؤثر على درجة الحرارة على المستوى العالمي لفترة قصيرة من الزمن، قد تمتد لأشهر أو لسنوات فقط، وفي تذبذب النينو الجنوبي، تُسمى مرحلة ارتفاع درجة حرارة البحر بـِ " إل نينو"، بينما تُسمى مرحلة انخفاض درجة حرارة البحر بـِ "لا نينا".
• الانفجارات البركانية: ينتج عن هذه الانفجارات ثاني أكسيد الكربون، والذي يعمل على زيادة درجة حرارة الأرض، ولكن ما تنتجه البراكين من هذا الغاز يعتبر 50 مرة أقل مما يُنتجه البشر.
• دورات ميلانكوفيتش (Milankovitch cycles): يمكن أن تُسبب هذه الدورات تغيرًا في درجة حرارة الأرض؛ فعندما تدور الأرض حول الشمس، قد يميل محورها بعض الشيء ويتغير مسارها، وقد تؤثر هذه التغيرات، التي يُطلق عليها "دورات ميلانكوفيتش" على قدر ضوء الشمس الذي تتلقاه الأرض، مما يُسبب تغيرًا في درجات الحرارة، ولا تعتبر هذه الدورات من المسببات الرئيسية للتغير المناخي، لأنها ببساطة تحصل على مدى عشرات أو حتى مئات الآلاف من السنين.

حلول التغير المناخي

وفيما يلي عدد من الحلول المقترحة لمجابهة ظاهرة التغير المناخي وتأثيراتها:^[١٠]

• استخدام وسائل النقل التي يتم فيها استخدام الطاقة الكهربائية بدلاً من تلك التي تعمل على الوقود الأحفوري.
• تقليل استخدام البلاستيك، الذي سيساهم بدوره على تقليل الانبعاثات الناجمة عن حرقه وإنتاجه.
• التحول لاستخدام مصادر الطاقة غير تلك المعتمدة على الوقود الأحفوري، ومن الأمثلة على هذه المصادر للطاقة المتجددة والنظيفة: الرياح، والشمس، والأمواج، والمد والجزر.
• زراعة الأشجار والحفاظ عليها؛ بسبب دورها في تنقية الجو من ثاني أكسيد الكربون.
• حماية المحيطات وأشكال الحياة الموجودة فيه، وذلك بسبب أنّ المحيطات تلعب دورًا مهمًا في الحفاظ على استقرار المناخ، من خلال قيامها بامتصاص كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون الموجود في الغلاف الجوي.