كيف يؤثر التغير المناخي على النبات؟

يعد التغير المناخي الذي يشهده العالم أحد الأسباب الرئيسية لارتفاع درجة حرارة الأرض وإحداث تغييرات كبيرة في أنماط الطقس، وقد أثر ذلك على جميع الكائنات الحية بما فيها النباتات، وفي هذا المقال سنعرض تأثير التغير المناخي على النبات بشيء من التفصيل.

انخفاض الإنتاجية

تؤدي فترات الجفاف الطويلة وتواتر موجات ارتفاع درجات الحرارة -الناتجة عن تغيّر المناخ- إلى إجهاد النباتات، مما يجعلها أقل إنتاجية، وهو ما يترتّب عليه العديد من المشكلات؛ لأنّ النباتات هي المنتج الأساسي للحياة على الكوكب، حيث تُنتج أكثر من 99.9% من المواد الحيوية على الأرض، كما أنّها تُعد إحدى ركائز الحياة البرية، وتعمل كأساس للعديد من السلاسل الغذائية، وعليه فإنّ انخفاض إنتاجية النباتات يعني تدهور الغطاء النباتي وينتج عن ذلك قلة الطعام، مما قد يؤدي إلى انتشار الجوع، وانخفاض في أعداد الكائنات الحية.^[١]

اختلاف نمط نمو بعض النباتات

تُجبر درجات الحرارة المرتفعة في فصل الصيف النباتات على محاولة التكيّف مع هذه التغيرات للبقاء على قيد الحياة، حيث لا تستطيع النباتات الهجرة مثل باقي الكائنات الحية، ويتمثّل محاولات تكيّف النباتات بالنمو إلى ارتفاعات عالية، حيث تُصبح السيقان طويلة، كما يتقلص حجم الأوراق، وتنمو بعيدًا عن بعضها البعض.^[٢]

ويُشار إلى أنّ ارتفاع النباتات وزيادة المسافة بينها، يؤدي إلى بقائها غير مدعومة وغير مستقرة، ويترتّب على ذلك انحناءها وتكسرها لعدم وجود نباتات أو سيقان أخرى ترتكز عليها.^[٢]

نمو الأنواع السامة من النباتات

يؤثر ارتفاع نسبة الغازات والجسيمات الملوثة التي يسبّبها الإنسان إلى تلوث الهواء، وقد تؤدي التغيّرات الحاصلة في تكوين الهواء إلى التأثير سلباً على نمو النباتات، وذلك من خلال نمو بعض الأنواع السامة أو المسبّبة للحساسية، فمثلاً، ينمو اللبلاب السام بمعدلات عالية في البيئات الدافئة والغنية بثاني أكسيد الكربون، ويُذكر أنّ حوالي 80% من الأفراد يعانون من حساسية تجاه هذا النبات، لذا فإنّ فرط نمو هذا النبات قد يؤثر سلبًا على صحة الإنسان.^[٢]

انخفاض العناصر الغذائية في النبات

يتسبّب ارتفاع مستويات غاز ثاني أكسيد الكربون الناتجة عن تغيّر المناخ في خفض تراكيز العناصر الغذائية المهمة في المحاصيل، حيث أوضحت الدراسات أنّ ارتفاع ثاني أكسيد الكربون أدى إلى انخفاض مستويات البروتين في حبوب القمح والأرز والشعير وفي درنات البطاطس بنسبة تتراوح من 10 إلى 15%.^[٣]

بالإضافة إلى ذلك، فإنّ بعض المحاصيل تفقد معادن مهمة بما في ذلك؛ الكالسيوم والمغنيسيوم والفوسفور والحديد والزنك، فوفقاً لدراسة أُجريت على أصناف الأرز عام 2018 م، فإنّ تركيزات ثاني أكسيد الكربون المرتفعة أدت إلى زيادة فيتامين (E) في الأرز، إلا أنّها أدت إلى انخفاض في الفيتامينات (B1) و(B2) و(B5) و(B9).^[٣]

الإجهاد المائي

يؤثر تغير المناخ على أنماط هطول الأمطار والثلوج ويؤدي إلى ظهور المزيد من الظواهر الجوية المتطرفة المتمثّلة في الجفاف وهطول الأمطار بكميات كبيرة، حيث تشهد بعض المناطق هطول أمطار إضافي وهو ما ينعكس إيجاباً إذا بقي في الحدود الطبيعية، ولكنّ زيادة حدته وتواتره قد تؤثر سلباً على النباتات، وفي المقابل فإنّ بعض المناطق تشهد موجات جفاف شديدة.^[٤]

ومن ناحية أخرى، فإنّ وجود خلل في توزيع مياه الأمطار نتيجةً للتغير المناخي يؤثّر على توافر مياه الشرب والري ومخزون المياه الجوفية، وهو ما يُقلل من كمية المياه المتاحة للنباتات بشكل عام، إذ إنّ محدودية قدرة النباتات على الوصول إلى المياه له تأثير مباشر على صحة المحاصيل، حيث ينتج عن ذلك ذبولها، وإلى إحداث تلف دائم فيها.^[٤]

هل يُمكن أن يؤثر تغير المناخ إيجاباً على النباتات؟

تُشير بعض الدراسات إلى أنّ ارتفاع نسبة غاز ثاني أكسيد الكربون يزيد من عملية التمثيل الضوئي وهو ما يزيد من نمو النباتات، حيث يُعرف هذا باسم تأثير التسميد بثاني أكسيد الكربون (بالإنجليزية: carbon fertilization effect)، فوفقاً لبعض الأبحاث الجديدة، فإنّ نسبة التمثيل الضوئي العالمي للنباتات زادت بنسبة 12% في الفترة الممتدة بين عامي 1982 و2020 م، حيث ترجع الغالبية العظمى من هذه الزيادة -في عملية التمثيل الضوئي- إلى استفادة النباتات من ازدياد غاز ثاني أكسيد الكربون.^[٣]

قد تُمكِّن المستويات المرتفعة من ثاني أكسيد الكربون الناتجة عن تغير المناخ النباتات من الاستفادة من تأثير التسميد الكربوني واستخدام كميات أقل من المياه للنمو، ولكن لا يعني ذلك أنّ النباتات بحالة جيدة، إذ إنّ الأمر أكثر تعقيدًا من ذلك، حيث إنّ تغير المناخ يؤثر أيضًا على عوامل أخرى مهمة جداً لنمو النباتات، مثل؛ تراكيز العناصر الغذائية ودرجة الحرارة والمياه.^[٣]