عندما يشهد المناخ، في منطقة معينة من العالم، أو مناخ كوكب الأرض ككل، تغيرًا طويل المدى، يؤثر على أحوال وأنماط الطقس المعتادة وعلى درجات الحرارة، يُطلق على هذه الظاهرة التغير المناخي (بالإنجليزية: Climate change)، ويقف وراء هذه الظاهرة نوعين من الأسباب؛ أولهما أسباب طبيعية لا تعتبر ضارة بالمناخ على المدى الطويل، مثل التغيرات في الإشعاع الشمسي والنشاط البركاني، أما ثاني الأسباب فهي أسباب بشرية تعتبر ضارة بالمناخ على المدى الطويل، وتعمل على إلحاق الضرر بالغلاف الجوي وبسطح الأرض، مثل قطع الغابات وحرق الوقود الأحفوري،[١] ويُعيق التغير في المناخ القدرة على التنبؤ بأحوال الطقس؛ أي يُصعّب التنبؤ بها، وينتج عنه ظواهر جوية شديدة التأثير، مثل العواصف، وتساقط الأمطار الغزيرة، والفيضانات، والأعاصير، وبسبب كل هذا يؤثر التغير المناخي على النشاط الزراعي، ويعرقل زراعة المحاصيل وإنمائها، وذلك بسبب التغيرات التي يُسببها على كلٍ من مستويات الأمطار ودرجات الحرارة،[٢] وفيما يلي استعراضٌ لأبرز تأثيرات هذه الظاهرة على الزراعة:[٣][٤]


خفض إنتاج المحاصيل الزراعية

أظهرت بعض التجارب التي أُجريت على القطاع الزراعي أنّ هناك علاقة بين زيادة المحاصيل وارتفاع مستويات ثاني أكسيد الكربون، لكن العوامل الأخرى التي يَفرضها التغير المناخي والتي تُصاحب هذه الزيادة، مثل شح المياه والمغذيات وتغير درجات الحرارة، تعمل على إعاقة التأثير الإيجابي لهذا الغاز على المحاصيل؛ بل إنها تسبب إنخفاضًا في إنتاجها، أضف إلى هذا أنّ ارتفاع ثاني أكسيد الكربون في هذه الحالة مرتبطٌ كذلك بانخفاض مستوى النيتروجين والبروتين في فول الصويا والبرسيم؛ الأمر الذي يفقدها جودتها كمحاصيل، وينعكس بشكلٍ سلبي على تربية المواشي في المراعي، التي تتناولها كحبوبٍ وأعلاف.


تهديد الأمن الغذائي في المستقبل

الزراعة هي من المصادر الرئيسية التي توفر الغذاء للبشر، وتأثرها بالتغير المناخي يُهدد بانعدام الأمن الغذائي في العالم في المستقبل؛ حيث هناك احتمالية أن تتسبب هذه الظاهرة، إن لم يتم مجابهتها بالشكل المطلوب، بإفقاد الأراضي الزراعية قدرتها على إنماء المحاصيل بسبب المناخ، وتقليل إنتاج الغذاء، وارتفاع أسعار المواد الغذائية، كما من المحتمل أن يتسبب التغير في المناخ بموجات جفاف ترفع الطلب والضغط على استخدام المياه لري المحاصيل، وفي سياقٍ متصل بارتفاع أسعار المحاصيل، فقد تؤدي الظروف الجوية المتطرفة غير المتوقعة التي سببها التغير المناخي إلى انخفاضات مفاجئة في الإنتاج الزراعي، مما يساهم في ارتفاع أسعارها، ومن الأمثلة الواقعية على هذا التأثير للتغير المناخي على الزراعة ما شهدته مناطق إنتاج المحاصيل الزراعية الرئيسية في العالم في صيف العام 2010، وتحديدًا كازاخستان، وأوكرانيا، وروسيا؛ إذ أدت موجات الحر حينها إلى خسائر في المحاصيل الزراعية، تسببت بدورها بارتفاعٍ كبير في أسعار المواد الغذائية الأساسية، مما تسبب للكثير من الناس بالفقر نتيجةً لذلك.[٥]


التأثير السلبي على القيمة الغذائية للمحاصيل

عندما ترتفع مستويات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، ويكون هذا الارتفاع مرتبطًا بظاهرة التغير المناخي، فإنّ هذا يعمل على تقليل نسب المعادن الأساسية في أغلب أنواع المزروعات، كالأرز والقمح، ولهذا الأمر تأثير سلبي ومباشر على القيمة الغذائية التي تحتويها المحاصيل الزراعية؛ حيث يعمل ارتفاع مستويات ثاني أكسيد الكربون على خفض هذه القيمة، مما يؤثر بدوره على صحة الإنسان، والتي تتأثر أيضًا بمبيدات الآفات الزراعية التي تُستخدم بكمياتٍ كبيرة على المحاصيل، نتيجة تسبب التغير المناخي كذلك بزيادة الآفات.


انتشار الحشائش والآفات الزراعية

كما ذكرنا في النقطة السابقة، يُسبب التغير في المناخ زيادة في الآفات التي تهاجم المحاصيل الزراعية؛ الأمر الذي يؤدي إلى زيادة مكافحة المزارعين لها بمزيدٍ من المبيدات، مما يؤثر على المحاصيل، وعلى صحة الإنسان الذي يتناولها كغذاء، ولا تعتبر الآفات المشكلة الوحيدة التي يعاني منها المزارعون نتيجة التغير المناخي؛ حيث يؤدي اجتماع كلٍ من زيادة مستويات ثاني أكسيد الكربون، والمناخ الرطب، وارتفاع درجات الحرارة، إلى نمو الأعشاب الضارة والفطريات كذلك، والتي تشارك المحاصيل الزراعية في الغذاء، والماء، والضوء، والتي أيضًا ينفق المزارعون لمكافحتها مبالغ طائلة سنويًا، ومن المتوقع أن يساهم التغير المناخي في تفاقم انتشار الحشائش والآفات الزراعية، مما قد ينجم عنه إصاباتٌ جديدة في المحاصيل.


جفاف الأراضي الزراعية

يؤثر التغير في المناخ على إمدادات المياه المستخدمة للري، مما يُسبب جفاف التربة في المناطق التي تعاني من ارتفاع درجات الحرارة نتيجة هذه الظاهرة، وهذا الأمر يُشكل تحديًا سببه توافر كميات قليلة من المياه لا تكفي لري المحاصيل، أو عدم وجود كميات إضافية من مياه الري عند الحاجة لاستخدامها.


الخسائر في القطاع الزراعي

من المعروف أنّ التغير المناخي يرافقه ظواهر جوية متطرفة؛ أي شديدة القوة والتأثير، مثل الجفاف والفيضانات، كما يرافقهُ ارتفاع في درجات الحرارة وهطولٌ غزيرٌ للأمطار؛ الأمر الذي قد يتسبب بمنع المحاصيل الزراعية من النمو، والذي ينجم عنه خسائر في القطاع الزراعي، ومن الأمثلة الواقعية على هذه الخسائر ما شهدته ولاية ميشيغان في الولايات المتحدة الأمريكية في العام 2012، عندما أدى تبرعم الكرز المبكر نتيجة ارتفاع درجات الحرارة في فصل الشتاء إلى خسائر بلغت قيمتها 220 مليون دولار أمريكي، بالإضافة إلى تأثر محصول الذرة، في منطقة حزام الذرة (بالإنجليزية: Corn Belt) الممتدة في الوسط الغربي للولايات المتحدة الأمريكية، بين عامي 2010 و 2012، نتيجة ارتفاع درجات الحرارة في الليل نتيجة ظاهرة التغير المناخي.


المراجع

  1. "Causes of climate change", canada, Retrieved 16/1/2023. Edited.
  2. "Climate Change", education.nationalgeographic, Retrieved 16/1/2023. Edited.
  3. "Climate change: Impact on agriculture and costs of adaptation", ifpri, Retrieved 16/1/2023. Edited.
  4. "Climate Impacts on Agriculture and Food Supply", climatechange.chicago, Retrieved 16/1/2023. Edited.
  5. "futurelearn", futurelearn, Retrieved 16/1/2023. Edited.